فيثبت على الجملة من كلامه فيها قولان, فينظر في تأويلهما إن أمكن, وإلاعدا قولين على ما ظهر.

أما "مسألة الترخيم" فلم يثبت بعد فيها قولان, فكيف ينظر فيما لم يثبت؟ وبيان ذلك أن سيبويه تكلم في أبواب "الترخيم" على وجه القياس, وأنت تعلم شدة متابعته للسماع في وضع القياسات, فلابد أن يكون منعه لترخيم ذى الإسناد مستندًا إلى كلام العرب, وأن أكثر العرب على منعه.

ثم لما جاء إلى باب "النسب" وهو باب يحذف فيه عجز الاسم مطلقا في كل مركب أنس جواز حذف العجز في ذي الإسناد في "النسب" بحذفه عند بعض العرب في "الترخيم" تشبيهًا بالمركب تركيب مزج, ولم يقل: إن ذلك قياس فيه, ولا إن قياس "النسب" مبني على "الترخيم"؛ بل كما يأتي في مواضع بالمثل القليلة الاستعمال والنادرة تأنيسًا في مواضع القياس وفي أبواب" النداء" من ذلك حظ صالح.

وإذا كان كذلك فالذي حكى عن العرب من ترخيم ذي الإسناد قليل, وذلك مفهوم من قوله: "من العرب من يفعل كذا" ولم يقل: والدليل على ذلك: أن العرب تفعل كذا, وأما أشبه ذلك, فإذا لا يقدح ما نقل في "النسب" فيما اعتمد من المنع في "باب الترخيم" وإذا رجع كل واحد من الكلامين إلى معنى ظاهرٍ من لفظه لم يصلح أن يحمل على أنهما قولان متضادان, فإشارته في "هذا النظم" جارية على كلام سيبويه, وكلام سيبويه غير متضاد, فالأحسن ما فعل هنا, ولا يحتاج إلى إثبات قولين, وطلب الترجيح بينهما أو التأويل. والله أعلم.

وقوله: (وذا عمرو نقل) هو سيبويه, وهو: عمرو بن عثمان بن قنبر, مولى لبني الحارث بن كعب بن عمرو. و (سيبويه) لقب له.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015