فطريقة ابن جني أنه إما أن ينص على الرجوع عن أحدهما أولا, فإن نص على الرجوع فظاهر, وإن لم ينص, فإما أن يكون أحدهما مرسلا والآخر معللا أولا, فإن كان كذلك أخذ له بالمعلل, وإن لم يكن كذلك, فإن كانا مرسلين بحث عن التاريخ وأخذ بالمتأخر, فإن جهل التاريخ وجب البحث عن مدراكهما, فأخذ له بالأقوى, وجعل مذهبه تحسينًا للظن بالأئمة, فإن تساويا اعتقدا رأيين, فإن الداعي إلى التساوي عند الناظر هو الداعي لصاحبهما إلى القول بهما, هذا بمقتضى العرف وإحسان الظن, وأما القطع: فعلمه عند الله.

قال ابن جنى: وقد كان أبو الحسن لا يتحشم من سلوك هذا المسلك, يعنى اعتقاد القولين, وأكثر كلامه عليه, ثم حكى عن الفارسي في (هيهات) نحوًا من ذلك.

هذه قاعدة ابن جنى في القولين, فلنبن الآن عليها اصطلاحًا, وإن كان فيها نظر متشعب, فكأن المؤلف, والله أعلم اعتقد أن آخر القولين لسيبويه ما قاله في "النسب" أو أنه المعضود بالسماع فاعتمده, ولم يعتمد القياس في المنع في "باب الترخيم" لأنه لم يعضده بسماع, ولا نفي عن القول به فقوله الجواز مطلقا لذلك.

والذي ينبغى التعويل عليه هنا أن يقال: إن النظر في القولين ثانٍ عن ثبوتهما قولين: إما نصًا وإما ظاهرًا, كما يقول سيبويه في تاء (بنت وأخت) مرة: إنها للتأنيث ومرة إنها ليست للتأنيث ونحو ذلك,

طور بواسطة نورين ميديا © 2015