وهذه الأوجه في الضميرين جائزة على البدل عنده بمقتضى كلامه هنا، لأنه لم يتحرز من ذلك.
وكذلك في باب (التوكيد) حيث قصر التوكيد بالمضمر على ضمير الرفع، إذ قال:
ومضمر الرفع الذي قد انفصل ... أكد به كل ضميرٍ اتصل
وقد منع ذلك في "التسهيل" وجعل ما جاء منه توكيدًا لفظيًا جريًا على مذهب الكوفيين، وكذلك بدل المضمر من الظاهر، وغيره من البصريين على ما ذهب إليه هنا، وقد تقدم في "باب التوكيد" نقل المذاهب.
والظاهر ما فهم منه هنا من مذهب البصريين، لما ثبت عن العرب أنها إذا أرادت التوكيد أتت بالضمير المرفوع المنفصل فقالت: جئت أنت، ورأيتك أنت، ومررت بك أنت، فإذا أرادت البدل وفقت بين التابع والمتبوع فتقول: جئت أنت، ورأيتك إياك، ومررت به به، فيتحد لفظ التوكيد والبدل في الرفع.
هكذا نقل سيبويه عن العرب، وتلقاه منه غيره بالقبول، وهم المؤتمنون على ما ينقلون، لأنهم شافهوا العرب، وعرفوا مقاصدها، فلا يعارض هذا بقياسٍ بأن يقال: إن نسبة المنفصل إلى المتصل في الرتبة الواحدة نسبة واحده، فكما كان في رتبة الرفع توكيدًا باتفاق، فليكن كذلك في رتبة النصب أيضا، وكذلك ينبغي في القياس في ضمير الجر إلا أنه متصل.