من أن الغلط لما كان معناه سبقية النطق بما لم يرد، ثم يتذكر فينطق بما أراد.
قال: ويتصور وجود ذلك في حالة واحدة، ولذلك ذكره النحويون، ولم يذكروا النسيان، فإن معناه أن يكون أراد أبا زيدٍ مثلا، فنسى ونطق بزيدٍ، ثم استبان له مراده، فنطق بالأب.
قال بعض الشيوخ: ويلزم على هذا وقوع النسيان والتذكر في زمن فرد، وهذا لا يتصور، فلهذا عدل النحويون عنه للغلط، ثم نزل إثبات من أثبته على أن يكون أراد أن يخبر برؤية الأب قبل قوله: رأيت، ثم نسى قبل إخباره بذلك، فأخبر برؤية زيد، ثم تذكر عند ذلك، فذكر من أراد، فيكون النسيان واقعا في غير زمان التذكر، وهو متصور.
فقد ظهر من هذا أن النحويين، يعني كثيرا منهم، تحاموا ذكر بدل النسيان لما فيه من الإشكال، فيكون ابن مالك ترك ذكره لمثل ذلك، فلا اعتراض عليه، والله أعلم.
واعلم أن (بدل الغلط) وإن قيل بجوازه، فإن الأولى عنده أن يؤتى بـ (بل) وقد نص كثير من النحويين على أنه لم يسمع، وإنما تكلم عليه سيبويه وغيره على جهة القياس، حتى قال الماردي: وقد عنيت بطلب هذا البدل في الكلام والشعر فما وجدته، ولقد طالبت به غيري فما عرفه، إلا أن بعض أصحابنا قال لي: هو في شعر ذي الرمة حيث يقول: