ومثل الناظم ذلك بقوله: "لم أكن في مربع بل تيها".
والمربع: منزل القوم في الربيع خاصة، تقول: هذه مرابعنا ومصايفنا، أي حيث نتربع ونصيف.
والتيهاء ممدودة: الفلاة التي يتاه فيها، فلا يهتدي فيها للمخرج منها، بل يتحير فيها إذا ولجت. و (أرض متيهة) من ذلك. أي لم أكن في منزلٍ أهلٍ بل بلدة قفز، لا أنيس فيها.
وأما الثاني فذكر أنك تثبت بـ (بل) للثاني حكم الأول في الموضعين المذكورين، وهما (الخبر المثبت، والأمر).
وأتى فيه بلفظ (النقل) لأن الحكم المذكور للأول ينقل بعينه للثاني بعد ما حكم به على الأول.
لكن هذا النقل على ضربين:
أحدهما أن يكون ذكر الأول فيه مقصودًا، والحكم عليه مقصودًا، ثم يضرب عنه إلى ذكر الثاني والحكم عليه، لقصد يقصده المتكلم في ذلك، كما تقول: زيد شجاع بل أسد، وهند بدر بل شمس.
ونظير هذا في عطف الجمل قول الله تعالى: {بل إدراك علمهم في الآخرة بل هم في شك منها بل هم منها عمون}.
والثاني أن يكون ذكر الأول والحكم عليه غير مقصود، وإنما وقع غلطًا أو نسيانًا، فيضرب عنه إلى ذكر الثاني والحكم عليه، كما تقول: رأيت رجلًا بل حمارًا، وأنت عبدي بل سيدي.