وكذلك لا تقول: قام زيد لا رجل، وهو عكس المسألة الأولى، ولا قام رجل لا فارس، على العطف، ولا ما أشبه ذلك.
وما جاء من نحو: مررت برجلٍ لا فارسٍ ولا شجاعٍ- فعلى النعت لا على العطف (لا) وكلام الناظم يتناول ذلك كله، فكان غير سديد.
فالجواب عن الأول أن العرض والتحضيض راجعان في المعنى إلى الأمر، فما جاز في الأمر جاز فيهما.
وأما الثاني فلا جواب لي عنه، والموضع محل نظر والله اعلم.
وبل كلكن بعد مصحو بيها ... كلم أكن في مربعٍ بل تيها
وانقل بها لثان حكم الأول ... في الخبر المثبت والأمر الجلي
جعل (بل) هنا على وجهين:
أحدهما: أن تقع موقع (لكن) وذلك بعد (النفي، والنهي).
والثاني: أن تقع في غير ذلك الموقع، وذلك بعد (الأمر، والخبر المثبت).
فأما الأول فحكم (بل) فيه حكم (لكن) وذلك أن توجب للثاني ما نفي عن الأول، فإذا- قلت: ما قام زيد بل عمرو، ولا تكرم زيدًا بل عمرًا، فـ (عمرو) مثبت له الحكم المنفى عن (زيد) كما كان ذلك في (لكن) حيث قلت: (ما قام زيد لكن عمرو، ولا تكرم زيدًا. لكن عمرًا، فكل واحدة من الأداتين مخالف ما بعدها لما قبلها. والنفي المؤول في هذا كالصريح، نحو: زيد غير قائم بل قاعد، كما كان في (لكن) (نحو: زيد غير قائم لكن قاعد).