وكقولك في النسيان: له على درهمان بل ثلاثة، وأنت أخي بل أبن أخي، وما أشبه ذلك.

وكذلك في الأمر نحوه: أضرب زيدًا بل عمرًا، وأعطني درهمين بل ثلاثة. واعلم أنه قال: "وبل كلكن" إلى أخره. فأقتضى أن ما بعد (بل) موجب لزوما، وإن كان بعد النفي أو النهي، كما أن ما بعد (لكن) كذلك. وهذا رأي الجمهور.

وذهب المبرد إلى كونه موجبًا غير لازم، وفرق بين (بل) و (لكن) بأن (بل) لا يتكلم بها إلا غلطً، مثل: رأيت زيدًا بل عمرًا، أي بل (رأيت عمرًا، فغلطت، وكذلك في النفي إذا قلت: ما رأيت زيدًا بل عمرًا، أي بل) ما رأيت عمرًا، اعتمدت في الجحد على الثاني.

قال: وفقد يكون في النفي كـ (لكن) أي: بل رأيته. قال: والجيد هذا، لأن (رأيت) أقرب، فيكون معناه: بل رأيت عمرًا.

والصحيح ما عليه الناس، لأن السماع لم يأت بما ذكر، وهو المتبع، وإنما الوجه إتباع ما اتفق الناس عليه، وما دل عليه كلام العرب، وأيضًا لو كان كما يقول المبرد لجاز في (ما) الحجازية أن تقول: ما زيد قائمًا بل قاعدًا بناء على بقاء النفي، وأن التقدير: بل ما هو قاعدًا، وهذا أليس بمقول باتفاق، وإنما كلام العرب على الرفع في (قاعد) وما ذاك إلا لمكان بطلان النفي.

ثم يبقى في كلامه مشاحة لفظية، ومشاحة معنوية.

فأما اللفظية ففي قوله: "والأمر الجلي" فقيد الأمر بكونه جليًا، وهذا حشو لا فائدة فيه (وأيضًا فهو حشو مخل، إذ يقتضي أن الأمر إذا لم يكن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015