والدة بولدها}، وهذا ليس مما نحن فيه، بل الجملة الثانية بيان للأولى أو بدل منها، وليست (لا) الثانية عاطفة.
فإن قيل: هذا الكلام معترض من وجهين:
أحدهما: أن العطف بـ (لا) قد يجوز في موضع لا يكون السابق قبله نداًء، ولا أمرًا، ولا أثباتًا، وذلك في التحضيض والعرض، فتقول: هلا ضربت زيدًا لا عمرًا، وألا أكرمت عمرًا لا بشرًا، وما أشبه ذلك، بخلاف الاستفهام كما تقدم. وحصر الناظم مواضع العطف يقتضي ألا يعطف بها بعد هذين، وهو غير مستقيم.
والثاني: أنه يدخل له في الإثبات أن تقول: قام رجل لا عمرو، ورأيت امرأة لا هندًا، وما أشبه ذلك لا يجوز، إذ شرطوا في العطف بـ (لا) أن يكون السم الذي قبلها لا يصح تناوله لما بعدها، لأن العطف بها إنما جئ به على جهة التأكيد لصحة الاقتصار على الأول دون الثاني، وذلك لأن العطف بها إذا قلت: قام زيد لا عمرو ورد على من ظن قيام زيدٍ وعمروٍ معًا، أو ظن قيام عمرو معًا، أو ظن قيام عمروٍ لا يزيدٍ، فلو قلت: قام زيد، واقتصرت لجاز، ولكنك أكدت، فصار الكلام بمنزلة ما لو قلت: إنما قام زيد، أو ما قام إلا زيد، ولذلك لا يعطف مع (إلا) بلا، لأن (ما) و (إلا) كالعوض من ذلك، فلم يجز اجتماعهما.
وإذا كان كذلك فلا بد أن يكون ما بعد (لا) ظاهر المنافاة لما قبلها، بحيث لا يصح تناول ما قبلها لما بعدها.