وكذلك (ثم) وغيرها من حروف العطف حكم ما بعدها مع ما قبلها حكم (الواو) وما ذكره ابن عصفور من تقدير الجملتين مع (الواو) الجامعة جملة واحدة تقدير معنوي، لا تقاس عليه أحكام اللفظ، وقد نزل الجملتين، ولا موضع لهما من الإعراب، منزلة ما له موضع من الإعراب لفعل غير موجود. وهذا كله ضعيف، فالصحيح ما ذهب إليه غيره من اختصاص الموضع بالفاء، إلا أن في هذا الموضع نظرًا من وجهين:
أحدهما أنه خص هذا الحكم بالصلة وحدها، ولم يشرك معها غيرها.
والصلة والصفة والخبر والحال في هذا الحكم سواء، فكما يجوز أن يقال: الذي يطير فيغضب زيد الذباب، كذلك يجوز: مررت برجلٍ يبكي فيضحك عمرو، وزيد يقوم فيقعد عمرو، ومررت بزيدٍ يضحك فيبكي بشر.
لا مانع من هذا كله. وكلامه هذا يقتضي اختصاص ذلك بالصلة، وليس كذلك.
وقد نبه على هذا الموضع في "التسهيل" فقال في (الفاء): وتنفرد أيضًا بكذا، وبتسويغ الاكتفاء بضمير واحد فيما تضمن جملتين، من صلةٍ أو صفة أو خبرٍ. وقال في "الشرح": أو حالٍ.
ويمكن أن يعتذر عنه بأنه ذكر الصلة التي هي أشد افتقارا إلى الضمير العائد من غيرها، وترك ذكر ما سواها، ليلحقه الناظر به، فلا يعد تركه إغفالًا.
والثاني: أنه أتى بالمسألة قاصرة، فإنه ذكر في هذا الاختصاص عطف ما ليس بصلة على الصلة، وترك العكس، وهو عطف ما هو صلة وحده على