المسألتين بين كون الضمير في الجملة الأولى والثانية. وفي هذا ما يدل على أن غير الفاء لا يقع في هذا الموضع موقعها.
وقد زعم ابن عصفور أن (الواو) الجامعة مثل الفاء في هذا، فإن الواو قد تكون عاطفة غير جامعة، فلا يصير ما بعدها مع ما قبلها كشيء واحد، كقولك: هذان قائمان وضاحكان، فـ (قائمان) خبر هذين، و (ضاحكان) خبر ثان معطوف عليه.
وقد تكون جامعة تصير ما بعدها مع ما قبلها كشيء واحد، كقولك: هذان زيد وعمرو، ألا ترى أن (زيدًا) على انفراده ليس بخبر لهذين، وكذلك (عمرو) على انفراده ليس بخبر لهذين، وإنما الخبر (زيد وعمرو) معًا، فالواو صيرتهما بمنزلة خبر واحد.
وإذا ثبت هذا فإن قدرت (الواو) في قولك: (الذي يطير ويغضب زيد الذباب) جامعة، كأنك قلت: الذي يجتمع طيرانه وغضب زيدٍ الذباب.
- صارت الجملتان بمنزلة الجملة الواحدة، فيكون الحكم مثله مع (الفاء).
وإن قدرتها عاطفة غير جامعة كانت كل واحدة من الجملتين منفصلة من الأخرى فلم يجز.
وهذا التفصيل لم يقل به غيره، لأن (الواو) وإن قصد به الجمع، لا بد أن يصلح ما بعدها لوقوعه موقع ما قبلها، وهذا لا يصح هنا للزوم خلو الصلة من ضمير ما تقدم، بخلاف (الفاء) فإن ربط التسبيب فيها لا يصح معه تقدير وقوع ما بعدها موقع وما قبلها، لأن الثانية مسببة عن الأولى، فلا يمكن أن تقدر هنالك غير مسببة. وجمع (الواو) لا يقتضى ترتيبًا تسبيبًا، فلذلك يقدر ما بعدها في موضع ما قبلها.