ما ليس وحده بصلة، كقولك: التي يقوم زيد فأكرمها هند، والذي يطير الذباب فيغضب زيد، فإن هذا جائز كالمسألة الأولى، والحكم فيهما سواء، فإن ربط الجملتين بالفاء يصيرهما كجملة الشرط والجزاء، ولا فرق في جملتي الشرط والجزاء بين أن يكون الضمير في الأولى، وأن يكون في الثانية، فتقول: زيد إن يقم يقم عمرو، [وزيد إن يقم عمرو] أكرمه، فكذلك هنا.
ولم ينبه على ذلك الناظم، فكأنه ذكر نصف المسألة، وترك النصف الآخر.
والعذر أنه قصد هنا أن يبين وجه الاختصاص على الجملة وترك ما عداه لأنه راجع إلى باب "الابتداء" لا إلى هذا الباب، وينهض هذا عذرًا عن السؤال الأول.
وأيضًا كما أنه يمكن أن يكون هنا نبه على إحدى المسألتين، وترك الأخرى لفهمها مما ذكر. والله أعلم.
ووجه ثالث، وهو أن تخصيص هذا الحكم بـ (الفاء) ليس على إطلاقه كما هو الظاهر من كلامه، بل هو مشروط بأن تكون (الفاء) تؤدي معنى السببية، فقد قالوا في قولهم: (يطير الذباب فيغضب زيد): لا يخلو أن تجعل (الفاء) رابطة لإحدى الجملتين بالأخرى ارتباط السبب بالمسبب أولًا، فإن لم تجعلها رابطة، بل قصدت أن تخبر عن الذباب بأنه يطير، وعن زيد بأنه يغضب، لا من أجل طيران الذباب، كان حكم كل واحدة من الجملتين حكمها لو انفردت.