ما بعدها يتلو ما قبلها بتراخٍ يسير، ومشيئة العباد لا تقارب مشيئة الله تعالى. فهذان دليلان يشترك فيهما الفاء وثم والله أعلم.
ثم قال: "وأخصص بفاءٍ عطف كذا" يعني أن (الفاء) أيضا تختص دون أخواتها بحكم، وهو أن تعطف من الجمل ما ليس بصلة، ولا يصلح أن يقع في موضع الصلة، على ما ثبت أنه صلة، أي للموصول.
ومعنى ذلك أنك تقول: أعجبني الذي رأيته فأكرمت زيدًا، فقولك: "رأيته" صلة "الذي" و "أكرمت" زيدًا" جملة معطوفة عن جملة الصلة، وليست بصلة. يريد أنها لا تصلح أن تكون صلة للموصول المتقدم، لأنك لو قلت: أعجبني الذي أكرمت عمرًا- لم يجز، لبقاء الموصول دون ضمير عائد عليه من صلته، وذلك أن الجملة المعطوفة على جملة الصلة لا بد فيها من ضمير به تصلح أن تكون صلة للموصول المتقدم.
فمن شرط المعطوف صلاحيته لوقوعه موقع المعطوف عليه إذا كان العطف بغير الفاء، فلا تقول: أعجبني الذي أكرمته وخرج عمرو، ولا ثم خرج عمرو، ولا ثم خرج عمرو، ولا ما أشبه ذلك.
وأما (الفاء) فجاز ذلك معها لما فيها من الربط المعنوي ألسببي، فصارت الجملتان بذلك كالجملة الوحدة، فصاغ العطف وإن لم يصح في الثانية وقوعها صلة، فتقول على هذا: (الذي يطير فيغضب زيد الذباب) و (الذي أكرمته فجاءني عمرو أخوك) ونحو ذلك.
ويشبه هاتين الجملتين جملتا الشرط والجزاء إذا وقعتا صلة للموصول، فإنه يكتفي بضمير واحد في إحدى الجملتين لحصول التسبب الذي يصيرهما كالجملة الواحدة، فتقول: أعجبني الذي إن أكرمته فرح الناس ولا فرق في