وأيضًا فقوله تعالى: {إن الصفا والمروة من شعائر الله}، وقد قال الصحابة: بأيهما نبدأ؟ وهم العارفون بلسانهم، فلو كانت الواو للترتيب عندهم لم يحتاجوا إلى سؤال، إلى غير ذلك من الأدلة.
والتطويل لا فائدة فيه، والمسألة قد تتبعها الناس، ولا زائد مع الاستقراء الصحيح.
والثاني: أن قوله: "في الحكم" إن كان مفسرًا بما تقدم فيبقى عليه ما لم يحكم عليه المتكلم بتقدم ولا تأخر ولا معية/ مهمل الاعتبار، فإن المتكلم قد يكون عارفًا بقيام زيد وعمرو (وغير عارف بزمان قيامها، فيخبر بذلك فيقول: قام زيد وعمرو)، فلا يكون عندهم حكم بتقدم شيء من ذلك، فلا يدخل له هذا القسم تحت نصه، ويبقى مسكلًا عليه، حيث ذكر نوعين، وهما ما حكم فيه المتكلم بالتقدم أو التأخر أو المعية لفظًا أو نية، وترك نوعًا آخر فلم يذكره، وهو متأكد الذكر.
إلا أن يقال: إنه أراد حكم من حكم على الجملة، لا حكم المتكلم، فإن المعطوف بـ (الواو) شأنه أن يحكم عليه بأحد الثلاثة المذكورة، فالحكم راجع إلى هذا المعنى. والله أعلم.
والثالث: أنه ذكر الموضع الذي تختص به (الواو) دون غيرها، ولم يقيد (الواو) التي شأنها ذلك، وليست كل (واو) تقع في ذلك الموضع، وإنما تقع هنالك (الواو) التي يكون ما بعدها مصاحبًا لما قبلها في الحكم، فإن قولك: جلست بين زيد وعمرو- يقتضي مصاحبتهما معًا في الجلوس بينهما، ولا يصح غير ذلك.