وإن قصدتَ بالحكم الثانيَ، وجعلت الأولَ كالتوطئة فهو البدل، وهذا المعنى ليس النعت، فليس الإعرابان واردَيْن على قَصْد واحد.
والدليل على ذلك خروجُ المسألتين المذكورتين بعدُ عن احتمال البدل، وهما: يا رجلُ زيداً ومررت بالرجلِ الضاربِ زيدٍ، على ما سيبيَّن إن شاء الله؛ إذ كانت هاتان المسألتان لا يُتَصور فيهما إلا أحدُ القَصْدين، وهو قصدُ كون الثاني بياناً للأول، نعم لا يُنْكَر أن يكون البدل يقع بيانا، لأنه إنما قُصِد، وصُرِف القُصد عن الأول إليه لأنه أبْيَنُ من الأول. وهذا ظاهر، وقوله: " حقيقةُ / القَصْد به مُنْكَشِفَة" تفسيرٌ لما أراده بقوله: " شِبْهُ الصفة" إذا كان أصل الصفة أن تأتي للبيان والكشف عن مراد المتكلم بالموصوف، فكذلك عطف البيان كما تقدم.
لكنه يُعترض على هذا التفسير بدخول التوكيد، إذ يَصدق عليه أنه تابع يُشبه الصفة في أنه مبين لقصد المتكلم، لأنك إذا قلت: قَدِمَ الأميرُ احتَمل أن يكون القصد: قَدِمَ حَشَمُه، أو خَدَمُه، أو رسولهُ. وكذلك إذا قلت: قام القومُ- احتمل أن يكون القائم بعضَهم لا جميعَهم، فلم يتبيَّن إذاً قصدُ المتكلم من إرادة مقتضى اللفظ.
فلما قلت: قدم الأميرُ نفسُه، أو قام القومُ كلُّهم- ارتفع ذلك الاحتمال، وصارت حقيقةُ القصد بالتوكيد منكشفِة، كما تقدم في بابه، فدخل التوكيد إذاً في هذا التعريف، فصار غيرَ معرف لكونه غيرَ مانع، مع أنه لو لم يَزد هذه الزيادة لكفى قوله: " شِبْهُ الصفة" على إبهامٍ مَا، وهو أحسنُ من زيادةٍ مُخِلَّة.