والعذر عنه أنه لما قال: «شِبْه الصفة» كان هذا التعريف غير تام، لأن شَبَه الصفة يقع من وجوهٍ عِدَّة، منها الاشتقاق وغيره، فلو اقتصَر على ذلك لم يكن فيه بيانُ أنه يشبهها من جهة دون أخرى، ولا تعيَّنت جهةُ الشَبَه، فبين بقوله: «حقيقةُ القصدِ به مُنْكَشفِة» ما أراد بقوله «شِبْه الصفة»
وقد مَرَّ في «الصفة» أنه يبين ما سبَق بوَسْمه، فبيَانُه من جهة تعيين المتبوع وإيضاحه، حتى لا يختلط بغيره كما تقدم.
فـ (عطف البيان) مبين ذلك البيانَ المعلوم، والتوكيد ليس كذلك، وإنما بَيانُه على وجه آخر، وهو إبراز جهة الحقيقة عن جهة المجاز في المتبوع الذى يبين معناه.
فإذا قلت: (جاء الأمير) فهو محتاج إلى البيان من الجهتين:
إحداهما من جهة تعيين مدلوله من بين سائر الأمراء، والنعت هو المبين لهذا المعنى وعطفُ البيان، فتقول جاء الأميرُ أبو عبدِ الله، أو جاء الأميرُ الفاضلُ ولا يُحتاج هنا إلى التوكيد، إذ لا يؤكَّد إلا بعد معرفته.
والثانية من جهة كونه نسبة المجيء إليه حقيقة أو مجازا، إذ يمكن أن يريد المتكلم: جاء أمرُه، أو جاء غلامُه، أو نحو ذلك، حتى تقول: نفسُه أو عينُه.
والنعت وعطف البيان غير داخلين هنا، لأن مدلول لفظ (الأمير) معروف. وكذلك إذا قلت: قام القومُ كلُّهم.
فقد ظهر معنى قوله: «حقيقةُ القصدِ به منكشفة» حين كان بيانا لقوله: «شِبْه الصفة» وبَانَ أن التوكيد غيرُ وارد.
ويمكن أن يكون قوله: «حقيقةُ القصدِ به منكشفة» يَعني به أن عطف البيان بين ظاهر من إطلاق الاسم عليه، لا يَحتاج إلى تعريف، لأنه إنما سمي