النظر الثالث: أن الحاضر على ثلاثة أقسام: متكلم ومخاطب، وهو الذي قصد بذي الحضور، ولا متكلم ولا مخاطب وهو المشار إليه باسم الإشارة مشعرا بالحضور إذا قلت: هذا وهذي، فاطلاقه لفظ الحضور يوهم إدخال اسم الإشارة، وذلك إيهام مفسد، وهذا الوجه غمزه به ابنه في الشرح.

والجواب عن الأول أن يقال أولا: إن المعتمد في المسألة ما قاله النحويون، وأما من عداهم فلا يرجع إلى قوله وإن نزع إليه من المتأخرين نظار وعلماء أخيار، وإليه ذهب شيخنا الإمام أبو عبدالله الشريف التلمساني -رحمه الله- وذلك أن أهل اللسان أهدى إلى فهم الوضع العربي غيرهم، فهم الحجة في هذا وأمثاله، وقد اتفقوا على أن المضمر ليس بموضوع في الأصل ليدل على حاضر أي حاضر كان، أو غائب أي غائب اتفق، وإنما وضع لمعين محال عليه، متشخص في حال الخطاب، غير أنه لما كان المضمر إذا تعقل خارجا عن الخطاب على الجملة فهم منه حاضر مبهم وغائب مبهم، توهموا أن ذلك وضعه الأول، وأن التعيين في حال الخطاب عارض، كما يعرض التعيين في النكرات بقرائن تدل عليه، مع أن الأصل عدم التعيين، وحقيقة الأمر في المضمر عكس ما توهموه، ولو توهموه، ولو كان ذلك كذلك لم يكن فرق بين هو، ورجل، ولكان المضمر معربا، لأن افتقاره إلى التفسير عارض كافتقار رجل إليه، وكافتقار عشرين وبابه، والافتقار العارض

طور بواسطة نورين ميديا © 2015