لا يوجب البناء كما تقدم، بل المضمر لا يستقل أصلا بالمفهومية في حالة تعقله مفردا كالحرف، وذلك دليل على أن معناه إنما يتم فهمه بغيره، فذلك الغير مفتقر في أصل الوضع إليه، وهو الذي يعين مدلوله ويشخصه، وبه تمت دلالته على معناه الذي وضع له، ومن هذا الوجه أشبه الحرف، فوجب بناؤه؛ لأنه مفتقر إلى غيره افتقارا أصيلا، وإذا كان كذلك فمعناه الذي وضع له واحد معين لا مبهم، فهو إذا معرفة لا نكرة وتعريفه تعريف الشخص، لا تعريف الجنس، ونظيره في أصل وضعه النكرة إذا عرض لعا تعريف بالألف واللام أو الإضافة، نحو: غلامك والغلام فالغلام معرفة في هذا الحال باتفاق، وإن كان يدل مع التجريد على كل غلام، فذلك لا يقدح في كونه معرفة الآن، إذ ليس الآن بدال على كل غلام، بل وضع وضعا ثانيا لا يدل فيه إلا على معين، فهذا الوضع الثاني في النكرة نظير الوضع الأول في ط "أنا" و "أنت" و "هو" وما أشبه ذلك من المضمرات.
وأما فهم الحاضر او الغائب المبهم منها إذا أفردت فهو ثان عن الوضع الأول، عارض فيها، فإن اعتبر فيها فعلى خلاف الأصل، كما في بيت امرئ القيس:
وأنت إذا استدبرته سد فرجه
هذا إذا لم يتأول ويرد إلى الأصل، وإذا ثبت هذا فيحتمل أن