وضعت المضمر دالا على متعين في الخارج متكلم أو مخاطب أو غائب، وكذلك اسم الإشارة وضع لتعيين مسماه من حيث هو مشار إليه، فكلاهما موضوع يفيد الحوالة على معهود، لكن قد يعرض فيهما أن يكون مدلولهما غير خارجي إقامة للمعين في العلم مقام المعين في الخارج، كما قال امرؤ القيس:
*وأنت إذا استدبرته سد فرجه*
وذا ليس بالأصل، فهذا كله فيه ما ترى.
النظر الثاني: أنه يدخل عليه في هذا التعريف العلم كزيد وعمرو، وذلك أن لفظه لفظ الغيبة، بدليل قولهم: يا زيد نفسه، تغليبا لحكم اللفظ، ولأن العلم إنما وضع لأجل غيبة المسمى، إذ هو محتاج إلى التعبير عنه بلفظ يعينه، إذ لم يتعين بنفسه بخلاف ما إذا كان حاضرا، فإن أداة الإشارة تغني في تعيينه، إذا قلت: "هذا" أو "ذاك" فلا يفتقر إلى وضع اسم علم، فإذا زيد ونحوه مشعرا بالغيبة، فيلزم أن يسمى ضميرا، إذ قال: مالذي غيبة يسمى ضميرا، وهذا الوجه أورده شيخنا الأستاذ -رحمه الله- على المؤلف في حده للمضمر في "التسهيل" والاعتراض به ها النظم متكن حيث قال: (لذي غيبة)، والعلم بلا شك موضوع في أصله لذي الغيبة.