أو نقول: إنه، حين لزم معنى (مِنْ) على اللزوم، جَارٍ مجرى فعل التعجب في المعنى، إذ كنت تريد ان تَرفع به من غاية إلى غاية أعلى، كما كان ذلك في التعجب. وهذا هو الذي نَصَّ عليه سيبويه (?). فلما أشبهه هذا الشَّبَه الخاص بالفعل، وكان لا يُثَنَّى ولا يُجمع ولا يؤنث، أعني التأنيثَ المعتبرَ في الأسماء أُلْحق (أَفْعَلُ) به، فأُلزم الأفرادَ والتذكير.
فإذا دخلته الألف واللام زال معنى (مِنْ) لأنهما متعاقبان لا يجتمعان، كالألف واللام والإضافة، فزال بذلك الشَّبَهُ، فرجع (أَفْعَلُ) إلى أصله، يُثَنَّى ويُجمع ويُؤنَّث كسائر الأسماء. وهذا التعليل جارٍ فيما بقى من الأقسام حسبما يُذكر إن شاء الله تعالى.
والقسم الثاني ما أضيف إلى نكرة، وحكمه حكم المجرَّد، لأن الإضافة فيه إنما تكون على معنى (مِنْ) فكان كما لو ظهرت معه (مِنْ) يلزم الإفرادَ والتَّذكير، فتقول: زيدٌ أفضلُ رجلٍ، والزيدان أفضلُ رجلَيْن، والزيدون أفضلُ رجالٍ، وهندٌ أفضلُ أمرأةٍ، والهندان أفضلُ امرأتَيْن، والهنداتُ أفضلُ نساءٍ؛ إذْ كان المعنى: زيدٌ أفضلُ من جميع الرجال إذا فُضَّلوا رجلاً رجلاً. والزيدان أفضل من جميع الرجال إذ اقسِمُوا رجلَيْن رجلَين، وهكذا فيما بقى من الأمثلة.
والقسم الثالث ما أضيف إلى معرفة، فله اعتباران، اعتبارٌ فيه معنى (مِنْ) واعتبارُ لا يراد فيها معناها، بل يُهْمل جملة.
فأما هذا الأخير فلابد فيه من المطابقة لما جَرى عليه، فتقول: زيدٌ أفضلُ الناسِ، والزيدان أفضلاَ الناسِ، والزيدون أفضلوا الناسِ، وأفاضلُ