ولكن نقول: إن كان قد مال إلى القول بالفاعليَّة فقد رَجحَّه الناس بأمور، أحدها التعلُّق بكلام سيبويه (?) مع موافقته للمعنى، فإنك إذا قلت: (نَعْمَ ما صَنَعْتَ) فمعناه: نعم الشِيءُ صنعتَ، وفي {إَنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ (?)} معناه: فنعم الشِيءُ إبداؤها.
قال ابن خروف (?): وتكون ((ما)) تامَّةً مَعْرفة بغير صِلَة، نحو: دققتُه دَقاً نِعِمَّا. قال سيبويه: أي نعم الدَّقُّ (?)، و {نِعِمَّا هِيَ} أي نعم الشيءُ إبداؤُها، و: نعم ما صنعتَ، وبِئْسَمَا صنعتَ، أي نعم الشيءُ صنعتَ. هذا قول ابن خروف معتمِداً على كلام سيبويه.
وسَبقه إلى ذلك السِّيرافيُّ (?)، وجعل نظيرَ ((ما)) هنا/ قولَ العرب: إنِّي مِمَّا أَنْ أَصْنَعَ، ... 548 أي من الأمر أَنْ أصنعَ، فجعل ((ما)) وحدها في موضع ((الأَمْر)) ولم يصلها بشيء. وتقدير الكلام [إنِّي من الأَمْر] (?) أي من الأَمْر صُنْعِي كذا، فالياء اسم ((إنَّ)) ((وصنعي)) مبتدأ، و ((من الأمر)) خبرُ ((صُنْعِي)) والجملة في موضع خير ((إنَّ)).
وهذا موافق لكلام سيبويه، إذ قال (?): ونظير جَعْلَهم ((ما)) وحدهَا اسماً قولُ العرب: إنِّي مِمَّا أَنْ أصنعَ، أي من الأمر أن أصنعَ، فجعلوا