واللام الجِنْسية، فمعنى قولك: (نِعْمَ ما صَنَعْتَ) نعم الشِيءُ صنعتَ، و ((صنعتَ)) في موضع الصِّفَة، من باب قولهم: ما يَحْسْنُ بالرجلِ خيرٍ منكَ أن يَفَعْلَ.
وذهبت طائفة إلى أن ((ما)) موصولة بمعنى ((الذي)) واكتُفي بها وبصلتها عن المخصوص بالمدح والذم.
وحَكى النَّحاس (?) عن الكسائي أن ((ما)) والفعل الذي بعدها في موضع رفع بـ (نِعْمَ).
وغيرُه يَحكى عنه موافقةَ القولِ الأول أنها اسم تام مرفوع، ولكن على أن ((ما)) بعدها ((ما)) أخرى مقدَّرة، كأنه قال: نعم الشِيءُ ما صنعتَه، وهو قول رابع.
وحكى بعض المتأخرين أن منهم من يَجعل ((ما)) نكرةً موصوفة مرفوعة، كأنه قال: نِعْمَ شَيِءٌ صنعتَ.
فهذه خمسة أقوال تفَّرعت على القول بأن موضع ((ما)) رفعٌ، وهو قوله: ((وقِيلَ: فاعل)).
وفي المسألة قول ثالث بالتخيير بين الوجهين، وهو مذهب طائفة. وقال به الفارسيُّ في بعض مسائله.
ولم يَنص الناظم على اختيار واحد من القولين اللَّذَين حَكَى. وفي كلامه ما يشير غلى الاختيار، لكنها إشارة ضعيفة، فقد تقدَّم في قوله: ((كنِعْمَ قَوْماً مَعْشَرُهْ)) ما يُشعر أن رأيه أنه فاعل، وتقديمُه هنا القولَ بالتمييز قد يُشير إلى اختياره. ويمكن، وهو الأظهر، أَنْ لم يَقْصِد اختِياراً بحال.