دَخل في القائلة ولا يُتَصوَّر في هذا مفاضلة، وكذلك قولهم: (أَجَابَ) إنما هو مُعاقِبٌ لكلام المخاطب فلا يُتَصَّور فيه مفاضلة.
قال: وهو، وإن كان ممتنعاً لأجل أنه من غير الثلاثي، فإنما قَصد أن يَذكر مانعاً معنوياً غير مَا ذُكر في الخِلقَ والألوان ليُتَنَبَّه له.
قال: وجَعْلُ ذلك من (الاستغناء) لا يقتضي أَلاَّ مانعَ له من جهة اللفظ، ولا من جهة المعنى، فقد يُستعمل (الاستغناء) حيث المانعُ موجود.
فإذا كان كلام سيبويه لا يُعطي القياسَ البَتَّةَ، ونَصَّ الأئمةُ على أنه قليل، فلا ينبغي أن يُقاس عليه.
قال بعضهم: ولم يَذهب إلى اقْتِياسه، فيما أعلم، أحدٌ إلا مُتَمَذْهِباً بَمذْهب ((الكتاب)) استِنْبَاطاً منه (?)، فعلى هذا إنَّما وقع الخلاف، في الحقيقة، في فَهْم ((الكتاب)) وإذ ذاك اعْتَمد نَقْلَه مَن اعْتَمد حَسْبَما أعطاه كلامه.
فإن قيل: بل قد كَثُر في السَّماع كثرةً يُعتمد على مثلها في القياس، كقولهم: ما أَعْدَمَ زيداً، وما أَحْسَنَ الدارَ، وما أَمْتَعَ زيداً، وما أسْرَفَهُ، وما أَفْرَطَ جَهْلَهُ، وما أَكَرَمَهُ لي، وما أَقَفَرَ المَوْضِعَ، وهو أَفْلَسُ من طَسْتٍ (?)، وأَسْرَعُ من الرِّيح (?)، وأَخْلَفَ من عُرْقُوب (?)، وأَوْلَمُ من الأَشْعَث (?).
ومن ذلك كثير ممَّا لم يُسمع له ثلاثي مجرَّد، وكذلك فيما سُمع له مجرَّد نحو: ما أَخْطَأَهُ، وما أَصْوَبَهُ، وما أَظْلَمَهُ، وما أَضْوَأَهُ، وما أَنْتَنَهُ.