والثالثةُ للمؤلف في ((الشَّرح)) (?) أنه لَمَّا كان بناء الوصف من هذا النوع على (أَفْعَل) لم يُبْن منه (أَفْعَلُ التفضيل) لئلاَّ يَلتبس أحدهما بالآخر، ولَمَّا امتنع صَوْغ (أَفْعَل التفضيل) امتنع صَوْغُ (فِعْل التعجُّب) لجَريانهما مَجرىً واحداً في أمور كثيرة، وتساويهما في الوَزْن والمعنى. قال: وهذا الاعتبار بَيِّنٌ هَيِّنٌ، ورُجحانه متعيِّن.
وهذا تعليل ضعيف.
والثامنُ من الأوصاف أَلاَّ يكون الفعل مَبْنياً للمفعول، وذلك قوله: ((وغَيْرِ سَالِكٍ سَبِيلَ فُعِلاَ)) يعني أنه لا يُبنى فعلُ التعجُّب مما كان على طريقة (فُعِلَ) مبنياً للمفعول، فإنك تقول في (عَلِمَ): ما أَعْلَمَهُ، وفي (ضَرَبَ): ما أَضْرَبَهُ. ولا تقول في (ضُرِبَ): ما أَضْرَبَهُ، ولا في (عُلِمَ): ما أَعْلَمَهُ، وكذلك سائر الباب.
ولتعليل ذلك وجهان، أحدهما اللبَّسُ الواقع بين فشعْل الفاعل وفِعْل المفعول، فإنك تقول في: (ضَرَبَ زيدٌ): ما أَضْرَبَ زيداً، وفي (ضُرِبَ زيدٌ): ما أَضْرَبَ زيداً كلك، فلا يقع فرقٌ بين التعجُّب من الفاعل والتعجُّب من المفعول.
والثاني أن فشعل المفعول لا كَسْبَ فيه للمفعول، فأَشْبه أفعالَ الخِلَق، وأفعالُ الخِلَق لا يُتعجُّب منها، فكذلك ما أشبهها.
هذه جملة الأوصاف المعتبرة فيما يُبْنى منه فعلُ التعجُّب، وقد ظهر أن الناظم ضبط هذا الموضع ضبطاً حسناً، لم يقع مثلُه في أكثر المطوَّلات، فضلاً عن المختصرات.
ويتبيَّن ذلك إلى أقصاه بفَرضْ مسألتين:
إحداهما فيما وَقع فيه الخلاف من هذه الأوصاف المذكورة.