وهما، بَعْدُ، نَظَرٌ في مسألتين:
إحداهما أن معمول الصفة هنا لم يُصِّرح فيه بحالة يكون عليها، وإنما قال: ((وكَوْنُه ذَا سَبَبيَّةٍ وَجَبْ)) فيَحتمل أنه يريد بلك أنه لابد أن يكون سَبَبِياً، كان مرفوعاً أو منصوباً أو مجروراً، فلا يكون مرفوعُه إلا من سَبَبه، كما لا يكون منصوبُه ومجروره إلا كذلك.
ويحتمل أن يُريد غيرَ المرفوع، بل المنصوب، ويتبعه/ المجرور لأنه أصله. 501
فإن أراد الأولَ اقتضى ألاَّ يجوز نحوُ: مررتُ برجلٍ شريفٍ زيدٌ بخِدْمِته، ولا كريمٍ أخوك به، ولا غَنِيٍّ عمروٌ بسَبَبِه.
ولا أن يقال: أحَسَنٌ أخوَاكَ؟ وأكَرِيمٌ الزَّيدْانِ؟ ولا ما أشبه ذلك، لكنه مَقوُل. وقد نَصَّ النحويون على ذلك، وأنه من كلام العرب.
وإنَّما أَتَى سيبويه بالصفة مع مرفوعها في ((باب الصفات)) (?) ولم يتعرض للرَّفع بها في ((باب الصفة المشبَّهة)) بل خَصَّها بالنصب وقال: ((إنَّما تعمل فيما كان من سَبَبِها)) (?) ولم يقل ذلك في ((باب الصفات)).
فهذا كُّله يدل على أن عملها بالتَّشبيه باسم الفاعل إنما هو النصبُ لا الرَّفع، لأن الرفع لا تَلْزم فيه السَبَبِيَّةُ، بل قد تكون وقد لا تكون، كرفع الفعل واسم الفاعل، فإذا كان كذلك أَشْكَل هذت المحَمْل.
فإن قيل: وما الداعي إلى حمل كلام الناظم عليه، وليس فيما أَتَى به نَصٌّ يَقْتَضيه؟