أصلهُ الفاعليةُ في بِنْيةٍ أخرى قد ذَهبت، وصار ((أعْطَى)) إنَّما يَطلبه بالمفعوليَّة فَصَحَّ التقديم، كضربتُ زيداً، وزيداً ضربتُ، بخلاف (حَسَنٍ الوجهَ) فإن ((حَسَناً)) هو الطالبُ له أولاً وثانياً، غير أن اللفظ شُغل الآن بالضمير الذي كان في ((الوجه)) والطلبُ المعنويُّ باقٍ كما كان، فلذلك لم يتقدَّم.

وأيضاً فإن الصفة إنما عَملت بالشَّبَه باسم الفاعل، من حيث اجتمعا في أن كلاً منهما صفة مُتَحَمِلةٌ لضميرٍ، طالبةٌ للاسم بعدها، تُذَكَّر وتُؤنَّث، وتُثَنَّى وتُجمع، فإذا كانت كذلك فلا تَقْوَى أن تَلحق بالمشبَّه به، لأنه خلاف القاعدة؛ ألا ترى أن ((ما)) لَمَّا عملت في لغة الحجاز بالشَّبَه بـ (لَيْس) لم تعمل في الخبر مقدَّما على الاسم، فكذلك هنا.

وأيضا فإن نصب ((الوَجْهِ)) هنا أشبهُ شيءٍ بالتمييز، حتى إنه إذا نُكِّر أعُرِب تمييزا، والتمييز لا يتقدَّم على العامل فيه، فكذلك ما أَشْبَهه.

الأمر الثاني من الأمرين اللْذَيْن تَفْتَرِق بهما من اسم الفاعل كونُ معمولها لا يكون إلا سَبَبِياً، وذلك قوله: ((وكَوْنُهُ ذَا سَبَبِيَّةٍ وَجَبْ)) والضمير في ((كَوْنُه)) عائدٌ على ((ما)) في قوله: ((ما تَعْمَلُ فِيه)) وهو المعمول.

يعني أنه يجب أن يكون معمول الصفة ذا سَبَبِيَّة منها، وهو قول سيبويه: ((وإنَّما تَعمل فيما كان من سَبَبها)) (?).

ومعنى السببيَّة أن يكون المعمول مضافاً إلى ضمير صاحب الصفة لفظاً أو معنىً، فاللَّفظ نحو: مررتُ برجلٍ حَسَنٍ وَجْهُه وحَسَنٍ وجهَه. والمعنى نحو: مررتُ برجلٍ حَسَنٍ وَجْهاً، وحَسَنٍ الوجهُ.

هذا هو المصطَلح عليه بالسببيَّ عندهم. ويَجري مَجْراه ما كان نحوه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015