قوله: ((وعَمَلَ اسُمِ فَاعِل المُعدَّي لَهُ)) فأي فائدة في الإخبار بذلك؟
والجواب أن له فائدتين، إحداهما أن ظاهر هذا الكلام التضادُّ مع ما قَدَّم آنفاً، لأنه ذَكر أن بناء الصفةِ هذه من غير المتعدِّي، ثم أخبر أن عملها عملُ اسم فاعل الفعل المتعدِّي، فظاهرُ هذا التضادُّ.
فنَبَّه على أنهما ليسا بمتضادَّيْن، وأن الحدَّ المحدود من كونها من الفعل غير المتعدِّي لا يُضادُّ عملها عملَ ما يتعدى في اللفظ. فأجمع بينهما على ما تقتضيه ملاطفة الصَّنعة (?).
وبيانُ ذلك أن العرب حين قالوا: مررتُ برجلٍ حَسَنٍ وَجْهُه- أرادوا تخفيفَ هذا الكلام على وجهٍ لا يُخِلُّ بالمعنى، فنقلوا الضمير/ الذي في (الوَجْه) إلى الصفة، ليستكنَّ فيها، فيخفَّ ... 499 اللفظُ ولا يَخْتَلَّ المعنى، إذ كان نسبةُ الحسن إلى (الوَجْه) نسبةً له إلى صاحب الوجه، ولم يريدوا أن يحذفوا الضمير جملةً، لئلا تبقى الصفة دون ضمير يعود منها إلى الموصوف، فلما تحملَّت الضمير ارتفع بها، فصار ((الوَجْه)) في اللفظ دون ضمير، كأنه مُسْتغْنىً عنه، مع أنه مطلوب من جهة المعنى، لأنه صاحب الحُسْن في الحقيقة، ولا يصح أن يُحذف، بل لابد من ذكْره ليُعلم أن الحُسْن منقول للأول عن غيره، فأشبه ((حَسَنٌ)) عند ذلك اسمَ الفاعل المتعدَّي إلى واحد، من حيث كان كلُّ واحدٍ منهما طالبا بعد مرفوعه مَحَلاً، فنُصِب ((الوَجْهُ)) على التَّشبيه بالمفعول به، فصار قولك: (زيدُ حِسِنٌ وجهاً) كقولك: زيدٌ ضاربٌ عمراً.
وكما جازت الإضافة في اسم الفاعل إلى منصوبه أُضيفت الصفة