وأما بالمعنى الثاني فغير مُتَّفق عليه فيما أحسب. والذي ارْتَضى الناظم مذهبُ مَنْ أعمله، وحجته مجيئُه سماعاً، وظهور وجهه القياسي، وهو أن محصول المصدر واسمِه واحد، ولا كبيرَ فرقٍ بينهما، فكما يُعتبر في المصدر معنى الفعل والحرف المصدري، كذلك يُعتبر في اسمه.

فإذا قلت: عَطاؤُك زيداً حَسَنٌ، فتقديره بـ (أنْ) والفعل لا مانع منه، كما كان في المصدر نفسه، فمن فَرَّق بينهما فقد فَرَّق بين الشيء ومِثْله.

وأيضا فلو صَحَّ الفرق لَصَحَّ في اسم المصدر بالمعنى الأول.

فإن قيل: الفرق بينهما ظاهر، وهو أن المصدر هو نفس مُباشرة الفاعل، واسم المصدر هو المعنى الحادث في تلك المباشرة كما تقدم، فما كان فيه معنى المباشرة والعلاج هو الصالح للعمل، فهو مِثْل الفعل، ومالم يكن كذلك لم يصلح للعمل، كما لم يصلح اسم الجنس المعنوي للعمل، وقد ظهر تأثير هذا الفرق في كلام العرب، حيث أعملوا المصدر من غير تحاشٍ، ولم يُعملوا اسم المصدر إلا نادراً، فلو كان مثلَه في المعنى لكان مثلَه في كثرة الإعمال، فلما لم يكن كذلك دَلَّ على صحَّة الفرق.

فالجواب أن هذا الفرق غير بَيِّن / لأن المصدر اسم للمعنى الصادر من الفاعل، 436 وكذلك اسم المصدر، لا فرق بينهما في هذا، فكلاهما اسمُ جِنْس، ولذلك لا يَعمل إذا كان مؤكِّدا أو مبيِّنا، وإنما يعمل إذا اعتُبر فيه معنى العلاج، وهو اسم المصدر في ذلك سواء، إلا أن المصدر لَمَّا أحرز الفعلَ بجرَيانه عليه كان أقربَ من اسم المصدر الذي تَعطَّل فيه ذلك الجريان، فلهذا المعنى قلَّ إعمال اسم المصدر، لا لما قالوا.

ومع ذلك فعِلَّتُه لا تُؤْذن بعدم القياس، إذ قد جاء نظماً ونثراً كما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015