كما قال الراعي، أنشده سيبويه (?):
كَمَا بُيّنتْ كافٌ تَلُوحُ ومِيمُها
وأنشد أيضاً (?):
كَافاً ومِيمَيْنِ وسِيناً طَاسِماَ
ويعني أن الياء والواو اللَّذَيْن يقعان قبل ياء المتكلم يُدغمان في ياء المتكلم. أما الياء فيَجتمع المثلان فيُدغم الأولُ في الثاني، فتقول: قَاضِىَّ وغَازِىَّ، ومررتُ بابنَىَّ.
وأما الواو فلا يصح إدغامها في الياء وهي واوٌ، وإنما حكُمها أن تُقْلب ياء للعلة/ 419 المتقدَّمة، وحينئذٍ تُدغم في الياء، لا أن تدغم قبل القلب، إذ لا يمكن ذلك، فكان حقه أن يحرِّر وجهَ العمل.
والجواب أن إدغام الواو في الياء، وإن كان لا يصح إلا بعد القلب، أطلق عليه إدغاماً، ولم يُشْعِر بالقلب، كما يُطلق عامةُ النحويين في الحرفَيْن المتقاربين لفظَ الإدغام، من غير أن يُشعروا بقلب الأول حتى يَصيَر مع الثاني مِثْلَيْن، إذْ لا يصح إدغامُ الحرف فيما ليس مثلَه. فلما كانوا يُسامحون أنفسَهم في هذا القَدْر تابعهم الناظم فيما هو مثلُه. وايضاً فإنه أطلق القولَ بالإدغام، ولم يُبَين كيفيةَ الوصول إليه، إذ ليس موضَعه، وإنما بَيَّنه في ((التصريف)) فمنه يُؤخذ ذلك لا من هنا.