ولما كانت الضمة قبل الياء لا تَثْبُت، بل تُقلب كسرة لمناسبة الياء، ولتِصَحَّ- نَبَّه على ذلك بقوله: ((وإنْ ما قَبْلَ وَاوٍ ضُمَّ فاكْسِرْهُ يَهُنْ)).
يَعني أن الواو المدغمة في ياء المتكلم إن قبلها ضمةٌ كُمْسلمِوُنَ وصَالِحُونَ- فالحكمُ التصريفيُّ فيهما مضافيْن إلى الياء يُؤَدِّي إلى قلب الضمة كسرة، وذلك سيأتي ذكره في ((التصريف)) إن شاء الله.
ووجهُ قلب الضمة هنا استثقالُها، لعدم مناسبتها للياء، بخلاف الكسرة، فإنها تناسب الياءَ بعدها، فيزول الاستثقال، ويَسْهُل النطق.
وهذا معنى قوله: ((فَكْسِرْهُ يَهُنْ)) أي اكسر الحرف المضموم يَسْهُل النطقُ بالكلمة، تقول: هانَ الشيءُ يَهُونُ، هَوْناً، إذا خَفَّ، وهَوَّ نَهُ اللهُ، أي خَفَّفه وسَهَّله.
فأما إن لم يَنْضم ما قبل الواو فلا يُكسر بعد إدغامها في الياء، بل يبقى على حالته بمقتضى المفهومِ الشَّرْطِيَّ في قوله: ((وإنْ مَا قَبْلَ واوٍ ضُمَّ فاكْسِرْهُ)) فتقول في (مُصْطَفَوْنَ): مُصْطَفَىَّ، فتترك ما قبل الياء على فَتْحه، وكذلك تقول في (مُوسَوْنَ): مُوسَىَّ، وفي (الأعْلَوْنَ): أَعْلَىَّ. وما أشبه ذلك.
وإنما لم يكُسْر لأمرين:
أحدهما أن سبب الكسر في (زَيْدِيَّ) استثقالُ الضمة، وهي هنا مُنْتَفية، فلا مُوجِب للانتقال إلى الكسر مع أن الفتح قبل الياء غير مُسْتثقل.
والثاني أنهم لو كَسروا هنا لالْتَبس المقصورُ بالمنقوص في الجمع المضاف إلى الياء، فإنك تقول في (قَاضُونَ): قاضِىَّ. فلو قلت في (مُوسْونَ): مُوسِىَّ: لأوهم أنه جمع (مُوسٍ) لا جمع (مُوسىَ) فالفتحة قبل الواو في (مُوسَوْنَ) إنما هي مُحْرِزَة للألف المحذوفة، فلا سبيلَ إلى زوالها لغير مُوجِب.