فإن قيل: قد تَقَدّم له مِراراً اشتراطُ العلم بالمحذوف على الجملة فلعلّه اكتفى بلك؛ إِذ عُلم من كلامه اشتراطهُ له.
فالجواب: أنّ هذا غيرُ مطَّردٌ له، فقد يجوز الحذف وإن لم يعلم المحذوفُ، كما يحذفُ المفعول اقتصاراً، وقد تَقَدّم وجهُ ذلك. وإذا كان الحذفُ ذا وجهين في العلم به وعدمه، كان الإخلالُ بشرطه إخلالاً بالحكم المقرّر.
والثاني: أنه جَعَل حَذْفَ المضافِ في التسهيل-وإن عُلمٍ- على وجهين: قياسٍ وسماعٍ، فالقياسُ هو فيما إذا امتنع استبدادُ العامل بالمضاف عليه دون المضاف، نحو: (واسأل القرية (?))؛ إذ لا يصلح أن تُسأل القريةُ نفسُها، فلابُدَّ من تقدير الأهل، وكذلك جميع ما مرَّ، والسماعُ هو فيما إذا لم يمتنع استبدادهُ به، نحو: ضربتُ زيداً، تريد: ضربتُ غُلامَ زيد، فإنه يُقِع اللَّبسَ وإن كان معلوماً من خارج، فلا يجوزُ مالم يكن في اللفظ ما يدّلُ على المراد، كقول القائل: مررت بالقرية فأكرمتني، فإنه جائز، وإن كان أهلُ القريةِ والقريةُ صالِحَين للمرور عليهما حقيقةً، لكن ذكر الإكرام بَيَّن أن المراد الأهل/ فجاز. قال: وكذلك لو فُهم بغير قرينة لفظية 400 كقولة (?) ((لا تلمني، عتيقُ))، وأتى بأشياء من هذا، فجعل المضاف-كما ترى- منه ما هو سماعٌ، ومنه ما هو قياس، والناظم هنا قد أطلق القولَ في الإجازة قياساً، ففيه ما ترى.