التقدير: من أثر حافِرِ فرسِ الرسول.
وعلى الجملة فلا يُقَتصَر في حذفِ المضاف على الواحد، بل يجوز حذفُ مضافين فأكثر إذا كان معلوماً.
والمسألة الثالثة: أنه لما قال: ((يأتي خَلَفَاً عنه في الإعراب)) كان ذلك ظاهراً في أنّ القائم مَقَام المضافِ من شرطِهِ أن يَصلُح إعرابه بإعراب المضاف، فيُرفَع ويُنَصب ويُجرّ، لأنه قال: ((يأتي خلفاً عنه)) في كذا، وما لا يقبل الإعراب كيف يكون خلفاً عنه؟ فإذاً إِذَا كان المضاف اسماً مضافا إلى جملة لم يجز خذفُه، كما قلت: انتَظرتك طَلَعَتِ الشمسُ، تريد: زَمَن طَلَعتِ الشمس، أو كان كذا الحجاجُ أميرٌ، تريد: زمن الحّجاجُ أميرٌ، وما أشبه ذلك.
ولا أعني بكون المضاف إليه يُرفَع وينصب ويُجَرّ أن يكون معرباً في اللفظ، بل مما يقبُل الفاعلية والمفعولية والإضافة، فإن المضاف إليه قد يكون مبيناً نحو: {كالذي يُغْشَى عليه من الموت}، فإذا كُلُّ ما لا يصلح لواحدٍ من تلك الوجوه لا يصلح أن يُحذفَ ما أُضِيف إليه.
والمسألة الرابعة: أنَّ فيما قَرَّر هنا نظراً من أربعة أوجه:
أحدها: أنَّ من شَرْطِ خذِف المضافِ العِلْمَ به، إما من قرينة حالٍ، وإما من جهة أمرٍ لفظيٍّ أو معنوي، وعلى ذلك جرى الحكم عند العربِ والنحويين، وإلا فلو لم يُعَلم ما حذف لم يُدَّعَ أوَّلاً حذفُه، وكيف يُدَّعى حذفُ شيءٍ لم يدلّ دليل أن المتكلم أراده، ولو أراده المتكلم ولم يجْعَلْ على إرادتِه دليلاً، ولا أخبر بذلك، لم يصحّ لنا دعواه، إذ دعواه وَهْم مجرّدٌ لا حكم له، وإذا كان كذلك فكان الواجب على الناظم أن يشترط ذلك الشرط، لكنه لم يفعل، فاقتضى أنه يجوزُ الحذفُ من غير دليل، وذلك غير صحيح.