إذْ لم يقيِّد ذلك بأمرٍ، وليس في كلام سيبويه نصُّ بأنه سماعٌ، وقد تقدَّم نصُّ كلامه. وأيضا قد يبعُد الفرق بين قولك: أيِّي وأيّك (?) أعلم؟ وبين قولك: أيِّك وأيّ زيد أعلم؟ وما أشبه ذلك. وإذا فرض أنه قائل بالقياس فلا اعتراضَ إلا من جهة بطلان القياس من نفسه، وذلك نزاعٌ في أصل خلافٍ لا يعترض بمثله على الناظم بأن يقال: لم خالفت فلانا ولم توافقه؟ لأن الدليل هو المتّبع، ولا إجماع يعارَضُ به هذا القياس، بل نقول ان سيبويه والخليل شبَّها قولهم: ((أيِّي وأيُّك كان شراً فأخزاه الله))، بقولهم: هو بيني وبينك، ونحوه، ومثل هذا لا يُقتَصَرُ به في ((بين)) الأولى على ضمير متكلم دون مخاطب أو غائب، بل يقال: هو بينك وبينه، وهو بينك وبين زيد، وفي القرآن: (فإذا الذي بينَكَ وبينه عداوةٌ كأنّه وليٌّ حميم) (?)، وكذلك الأمر في: ((أخزى الله الكاذب منّي ومنك))، لا مانع من أن بقال: منك ومن زيد، فكما يجوز هنالك فكذلك يجوز هنا.
فإن قيل: فَلْيجُزْ على ذلك: كلاك وكلا زيدٍ قائمٌ، وكذلك: كلا زيد وعمروٍ قائمٌ؛ إذ لا فرق.
قيل: قد مَرَّ القولُ على هذا، وأيضاً لما فَهِم من العَرَب اعتزامهم على إضافة كلا وكلتا للمثنى غير المفرَّق، قال: يمنع التفريق بإطلاق، وكأنه لم يفهم مثل ذلك عن العرب في أيٍّ فأطلق الجواز.
فإن قيل: فإن جاز مثلُ: أيُّ زيدٍ وأيُّ عمرو في الدار؟ فليُجزْ: المال بين زيد [وبين (?)] عَمْرو، بتكرير بين، وذلك غير جائز، وقد عُدَّ ذلك من لحن