حتى توصلنا إلى موافقتهم، وحت نقطع أو يغلب على ظنوننا أنهم لو تكلموا بهذا لكان نطقهم كذا، فإذا تحصل لنا مجاراتهم في ذلك ومساواتهم كنا جديرين بأن نسمى مُعربين، واستحق المتصف منا بذلك أن يسمى نحويا، وهذا النوع هو المقصود من علم النحو، وهو الذي أراد الناظم أن يأتي به في هذا النظم، فلذلك قال: (مقاصد النحو بها محوية).
والنوع الثاني: التنبيه على أصول تلك القوانين وعلل تلك المقاييس والأنحاء التي نحت العرب في كلامها وتصرفاتها، مأخوذا ذلك كله من استقراء كلامها، وهذا النوع متمم وليس بواجب، ولا هو المقصود من علم النحو، فلذلك لم يتعرّض له الناظم. إذا لا يبنى عليه من حيث انتحاء سمت كلام العرب شيء، لكن لما كان هذا النوع لائقا بغرض الشرح لم أخل هذا الكتاب منه فيما استطعت، وعلى ما أعطيه الحال في شرح كلام الناظم والله المستعان.
وقوله: (تقرب الأقصى بلفظ موجز) له تفسيران:
أحدهما: أن يكون معنى الكلام أن هذه الأرجوزة تضم أطراف المعاني البعيدة عن التحصيل والضبط، فتضبطها بقوانين وجيزة مختصرة، حتى تجمعها سهلة الانقياد، لا تتعاصى على ذي فهم، ولا تشذ عن الضبط، ولعمري إنه لكما قال: إذا كان قد سهل فيها طريق التحصيل، ويسر الأمر على منتحلة، خلاف ما عليه كثير من التقدمين الذين لم يصلوا من الضبط والتنقيح إلى ما وصل إليه وعلى