هذا المعنى نبه في خطبة التسهيل بقوله: وإذا كانت العلوم منحا إلاهية ومواهب اختصاصية، فغير مستبعد أن يدخر لبعض المتأخرين ما عسر على كثير من المتقدمين.
والثاني: من التفسيرين أن يكون معنى قوله: (تقرب الأقصى) أي تجمع أشتات المعاني الكثيرة في الفظ اليسير، إشارة منه إلى الاختصار الذي نحاه مما بَعُدَ على غيره جمعه من المعاني الكثيرة قربه هو اللفظ الموجز، وإنه لكما قال: فإنه يأتي بالقانون الواحد في الألفاظ اليسيرة، يضبط به ما يأتي به الأقدمون من النحويين في ورقة أو ورقتين، وليس في هذه الأرجوزة في الغالب لفظةٌ لغير معنى، ولا لمجرد ضرورة وزن أو قافية، بل كل لفظ فيها تحته معنى أو معان، فقد أخلاها من الحشو إلا نادرا، حتى أنه كثيرا ما يشح بالألفاظ إذا فهم معناها كحروف العطف وغيرها، وقد يأتي بالمثال ليستقرئ منه شروط الباب أو قانونه حرصا على قلة الألفاظ وكثرة المعاني، وسترى ذلك في أثناء كلامه إن شاء الله تعالى، ويتعلق قوله: (بلفظ موجز) على هذا التفسير بالفعل المتقدم، وعلى الوجه الأول باسم فاعل حال: أي: تقرب الأقصى كائنا بلفظ موجز، وهذا الوجه أيضا مما يدخل تحت مقصود كلامه في خطبة "التسهيل" وكان التفسير الأول أولى: إذْ كان يتضمن الثاني بقوله (بلفظ موجز) ولا يتضمن الثاني الأول.
وقوله: (وتبسط البذل بوعد منجز) يحتمل وجهين أيضا:
أحدهما: أن يكون عبارة عن إتيانه بالقوانين والضوابط موفاةً،