ينبغي أن يكون الحكم مع الواو.
والخامس: أن الذي يدل على عدم النيابة عنها، وأنها ليست بعوض منها، أنه يحسن ظهورها معها، فيقال: ورب بلد، ورب بلدة، ولو كانت عوضًا عنها لما جاز ظهورها معها؛ لأنه لا يجوز أن يجمع بين العوض والمعوض عنه، كواو القسم لا يجوز أن يجمع بينها وبين الباء، فلا يقال: وبالله لأفعلن، على أن يكون الواو حرف قسم كالباء، فأما قول الله تعالى: {وتالله لأكيدن أصنامكم}. فالواو فيه عاطفة، لا حرف قسم، فلم يمتنع الجمع بينها وبين التاء، فلما جاز الجمع بين واو (رب) و (رب) دل ذلك على أنها لم تنب عنها، ولا عوضت منها.
وفي هذه الأدلة كلها نظر، وأقربها الرابع، إن ثبت الاتفاق من الفريقين على أن الفاء وبل ليستا جارتين عند حذف (رب)، فإن الفرق بينهما وين الواو فيه بعد.
وبعد فهذه المسألة لا ثمرة لها في النحو، وإنما البحث فيها مظهر للمرتكب الأولى في ضبط القوانين خاصة، وإذا كان كذلك فما قاله أهل البصرة له وجه صحيح، وما قاله الآخرون كذلك. والله أعلم. هذه مسألة تعلقت بقوله: (فجرت بعد) كذا.
ومسألة أخرى: وهو أنه لما قيد الحذف مع بقاء الجر بكونها بعد الأحرف الثلاثة دل أن ذلك الحكم لا يكون لرب بعد غيرها من حروف العطف، فلا يقال: ثم رجل لقيته، على تقدير: ثم رب رجل لقيته، ولا أو رجل لقيته، ولا حتى رجل لقيته، ولا ما كان نحو ذلك. وهذا صحيح، وكذلك أيضًا لا تحذف ويبقى عملها دون أن يكون بعد عاطف أصلًا، فلا يقال: رجل لقيته،