وذلك كثير شائع كما قال. وفي قوله: (فجرت بعد بل)، وكذا وكذا، ما يقتضي أن (رب) نفسها هي الجارة لا الحروف الثابتة قبلها، وهذا في بل والفاء متفق عليه على ما حكاه في التسهيل. وأما في الواو فالجمهور من البصريين أن الأمر كذلك. وذهب الكوفيون والمبرد من أهل البصرة إلى أن الواو نفسها هي الجارة، وهو مذهب مرجوح من أوجه:

أحدها: أن الواو عاطفة هنا، والعاطف ليس بعامل، ولا يخرجها عن العطف كونها تقع في أوائل القصائد نحو:

*وبلد عامية أعماؤه*

*وبلدة ليس بها أنيس*

لاحتمال العطف على كلام تقدم ملفوظ به لم ينقل، أو مقدر حكم له - منويًا في النفس - بحكم المنطوق به.

والثاني: أنها مع ذكر (رب) عاطفة باتفاق، فكذلك / يكون الحكم مع حذفها، ولا تنقل عن ذلك إلا بدليل، والأصل عدمه.

والثالث: أن الواو لم يثبت كونها حرف جر بنفسها إلا في المبدلة من الباء في القسم، وليست إذ ذاك بحرف عطف، فلا يثبت كونها حرف جر بالاحتمال.

والرابع: أنها تضمر بعد (بل)، ولا يقول أحد أن (بل) تجر، وكذلك تضمر بعد الفاء كما تقدم، وليست نائبة عن (رب)، ولا عوضًا عنها، فكذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015