الفعل فلا بد من تقدير زمانٍ لاختصاص (مذ) و (منذ) بالزمان، فيتسلسل الأمر، وذلك فاسد، فالأولى عدم تقدير الفعل.

وقد يجاب عن هذا بأنه لا يسوغ تقدير زمان مع القول بظفريتها؛ لأنا إذا فرضنا (مذ) مثلًا ظرفًا، فهي الموقوع فيه، وهي أيضًا الدالة على ابتداء الغاية، أو الغاية كلها، فصارت (مذ) كاسم تضمن معنى حرف، كأسماء الشرط وأسماء الاستفهام هي نائبة عن الأمرين، فكذلك (مذ) إذا كانت ظرفًا هي دالة على الزمان، وعلى ابتداء الغاية فيه كما كانت (من) في قولك: من زيد؟ دالة على الاستفهام، والمستفهم عنه، فإذا قدرت الزمان بعد (مذ) فقد جردتها عن الاسمية، وصارت حرفًا لابتداء الغاية في ذلك المجرد، كما أنك إذا ذكرت الجزء الثاني في: من زيد؟ أتيت بحرف الاستفهام فقلت: أفلان زيد أم فلان؟ وإذا كان كذلك لم يلزم على تقدير الفعل محظور، فهذا مما يمكن أن يجاب به، لكن الذي يرجح به رأي الناظم على رأي الكوفيين أن الإضمار على خلاف الأًصل، فلا ينبغي أن يدعي إلا بدليل، ولا دليل، بل الكلام تام من غير دعوى الإضمار، فكان القول به تكلفًا من غير حاجة.

فإن قيل: إن في دعوى الإضمار فوائد، منها: إجراء (مذ) و (منذ) في الاسمية على طريقة واحدة، وذلك أولى من اختلاف الاستعمال.

ومنها: التخلص من الابتداء بالنكرة بلا مسوغ إن ادعى التنكير، ومن تعريف غير معتاد إن ادعى التعريف، والتخلص من جعل جملتين في حكم جملةٍ واحدة من غير رابط ظاهرٍ ولا مقدرٍ، فإذا لم يدع الإضمار لزم ارتكابُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015