أحدهما: أن يرتفع ما بعددها، وذلك قوله: (اسمان حيث رفعا) يريد: رفعا ما بعدهما، نحو: ما رأيته مذ يوم الجمعة، وما رأيته منذ يوم الجمعة، فها هنا لا يمكن أن يكونا حرفين، ولكن يكونان اسمين، لكن يبقى النظر في إعرابهما ما هو؟ هل هما مبتدآن ما بعدهما خبر لهما؟ وإليه ذهب الفارسي وطائفة، فقولك: ما رأيته منذ يومان، تقديره: أمد ذلك يومان. أو هما ظرفان خبران للمرفوع بعدهما؟ والتقدير: بيني وبين لقائه أو رؤيته يومان، أو نحو ذلك، وهو رأي الزجاجي. أو ظرفان ما بعدهما مرفوع بفعل مضمر، فقولك: ما رأيته مذ يوم الجمعة أو مذ يومان في تقدير: مذ كان يوم الجمعة، ومذ كان يومان. وهو مذهب الكوفيين، وإليه ذهب المؤلف في غير هذا الكتاب، وليس في نظمه هذا صريح نص على اختيار أحد هذه المذاهب إلا ما يستشعر من قوله: (حيث رفعا)؛ فإنه لما أسند رفع ما بعدهما إليهما لم يستقم ذلك إلا على مذهب الفارسي، فإن المبتدأ هو الرافع/ للخبر عند الناظم، وإذا كان كذلك فهو مخالف هنا لما ذهب إليه في غير هذا، وكان هذا المذهب أرجح من جهة النظر، وذلك أنه إذا قدر بعدهما الفعل فلا بد من تقدير الزمان قبل ذلك الفعل؛ لأن (مذ) و (منذ) مختصان بالزمان، فيلزم على مذهبه تقدير فعلٍ أيضًا قبل ذلك الزمان، وإذا تقدر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015