المعارض في الواو المتقدمة.

وأما (عن) فيلتزم أنها حينئذٍ اسم، ويجوز دخول (من) عليها عند ذلك ويدخل تحت قوله بعد (واستعمل اسمًا) - يعنى الكاف- (وكذا عن وعلى) إلى آخره، فتقول من مواضع استعمال (عن) اسمًا أن يكون بمعنى (بعد)، والذي يرد عليه في كلامه في الواو أن الكاف قد صحت أسميتها، وهي على حرف واحد غير واقعة موقع العجز، لكن له أن يقول: لم يتعارض هنا أمر لفظي وأمر معنوي، بل أمران لفظيان، وهو كون الكاف على حرف واحد- وليست في العجز، ودخول الحروف الجارة، ووقوعها فاعلة، ومفعولة. وليس أحدهما أولى بالاعتبار من الأخر إلا من حيث الترجيح، ونحن وجدنا من الأسماء ما هو على حرف واحد في الجملة، ولم نجد ما دخل عليه شيء من الخواص اللفظية، فلم نحكم بالاسمية، فرجحنا ما له نظير على الجملة على ما ليس له نظير البتة، فحكمنا باسمية الكاف الجارة، وإن وقعت على حرف واحد صدرًا؛ لأن لها نظيرًا من الأسماء في وقوعها على حرف واحد، ولم نحكم بالحرفية؛ إذ لم نجد حرفًا يدخل عليه حرف الجر لغير معنى التوكيد كقوله:

"ولا للما بهم أبدًا دواء*

فثبت على هذا أن الباء التي بمعنى (مع) حرف كواو المصاحبة تغليبًا للحكم اللفظي على المعنوي، وأن (عن) التي بمعنى (بعد) اسم؛ إذ لا معارض للاسمية فيه، كما أنه لا معارض لدعوى الاسمية في (قد) بمعنى حسب، إلا أن أخذ ذلك من كلام الناظم هنا هو من حيث سكت في الباء عن التنبيه، وحكم على (عن) بها بعد هذا.

وهذا كله تكلف، والصواب ألا يحكم على (عن) بالاسمية إلا مع دخول (من)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015