لا دونها، فعن التي بمعنى (بعد) إذا لم يدخل عليها (من) لا يحكم عليها بالاسمية. فالأولى في هذا الموضع أن يقال: إنما تدعي الاسمية في الكلمة إذا وجدت فيها خواص/ الاسم كان معناها معنى الاسم أو معنى الحرف، وإذا لم يوجد فيها شيء من ذلك، فالمدعي فيها الحرفية كان معناها معنى الاسم أو معنى الحرف، هذه طريقة المحققين.

وقد سمعت شيخنا القاضي أبو القاسم الحسني- رحمه الله- ووقع الكلام في الفرق بين (من) و (بعض) في قولهم: أكلت من الرغيف، وأكلت بعض الرغيف: لا فرق بينهما أصلًا إلا من جهة جريان أحكام الأسماء على (بعض) من وقوعها فاعلة، ومفعولة، ودخول الجر، والتنوين فيها، وغير ذلك، وعدم ذلك في (من). وأما من جهة المعنى فهما واحد. وكذا قال الشلوبين في كلامه على جملة من الأسماء المبنية بحق الأصل: أنها لا فرق بينها وبين الحروف إلا في الأحكام، وإذا كان كذلك لم يكن في وقوع (عن) بمعنى (بعد) دليل على الاسمية، إلا أن كان ثم دليل لفظي، وإلا فهي حرف لا غير، وهو أدرى على كلامه هنا. والله اعلم.

والثالث: من معاني (عن) أن تأتي بمعنى (على) - يعني للاستعلاء- وذلك قوله: (وعلى) وهو معطوف على (بعد)، والمعنى أنها تجئ في موضع (على) قليلًا مؤدية معناها، ومثال ذلك قول ذي الإصبح العدواني:

لا ابن عمك لا أفضلت في حسبٍ ... عني ولا أنت دياني فتخزوني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015