وفوق، وكذلك الكاف لما صارت اسمًا صار معناها معنى مثل، لا معنى التشبيه. ومثله: مذ ومنذ، وغيرها، وهذا أيضا بعينه لازم في الباء التي بمعنى (مع (؛ لأن (مع) اسم، والباء مودية معناها فهي مرادفة له، فيلزم أن يكون اسمًا، وإذا كان الأمر كذلك فالناظم كان من حقه أن يذكر ذلك كما ذكر الاسمية في (مذ)، و (منذ)، و (عن)، و (على) لكن لم يذكر ذلك، فيوهم أن (عن) إذا أدت معنى (بعد)، أو الباء إذا أدت معنى (مع) باقيتان على حرفيتهما. والقاعدة تأبى ذلك.
فإن قيل: بل الظاهر البقاء على الحرفية- كما يشير إليه كلامه- ولا يلزم إذا أدى الحرف معنى الاسم أن يصير اسمًا، وإنما يلزم القول بأسمية الحرف إذا دخلت عليه خاصة من خواص الاسم، كحرف الجر، ووقوعه جزء الكلام. والدليل على أن دلالة الحرف على معنى الاسم لا يصير الحرف اسمًا أنه لو كان كذلك لصارت الواو التي بمعنى (مع) اسمًا، ولم يقل بذلك أحد من أهل البلدين، ولوجب أن يكون اسم الفعل فعلًا؛ لدلالته على معنى الفعل، ولكان الاسم المتضمن لمعنى الحرف حرفًا؛ لدلالته على معنى الحرف، فلما لم يكن ذلك لازمًا لم يلزم أيضا أن تكون (عن)، والباء في مسألتنا اسمين حتى يكون ثم خاصة دالة على ذلك، وليست بموجودة، فلا تخرجان عن أصلهما من الحرفية بذلك.
فالجواب: أن النحويين قد جعلوا الدلالة على معنى الاسم علامة على الاسمية، وابن مالك واحد منهم، فإنه قال في التسهيل حين عدد ما يعرف به الاسم، فقال: "وبموافقة ثابت الاسمية في لفظ أو معنى" ولم يقتصر على الخواص اللفظية، ومن هناك حكيم على (سبحان) ونحوه بالاسمية؛ إذ هو بمعنى