وقال النابغة الجعدي:
واسأل بهم أسدًا إذا جعلت ... حرب العدو تشول عن عقم
فـ (عن) في هذه الأبيات بمعنى (بعد)، وهو قليل، كما قال؛ فلذلك لا يطالب هنا بالقياس في وضع (عن) موضع (بعد)، وكذلك في وضعها موضع (على)؛ لأنه قد قيد مجيئها كذلك بالقلة.
/ وأعلم أن وقوع (عن) في موضع (بعد) إما أن يكون بالنيابة، كما تنوب مثلًا واو (رب) عن (رب) من غير أن تضمن معناها، وكما تنوب (يا) عن (أنادي).
و(أما) في نحو:
* ... أما أنت ذا نفر*
عن الفعل.
وإما أن يكون على أن تفيد معناها بنفسها لا أنها نائبة، فإن كان الأول فلا إشكال في صحة حرفية (عن) عند ذلك، إلا أن ظاهر النقل إن (عن) هي المودية لمعنى (بعد)، وحينئذ يلزم أن تكون اسمًا لا حرفًا؛ إذ الحرف إنما يؤدي معنى الاسم، ولم يعهد في كلام العرب أن يرادف الحرف- وهو حرف- الاسم، بل إذا أدى معنى الاسم صار اسمًا؛ ولذلك لما دخل على (عن، و (على) حرف الجر صارا اسمين مرادفين لناحية،