وهذا معنى ثالث ذكره للباء؛ إذ قدم معنى البدلية والظرفية. وأما (في) فلم يقدمها لها معنى إلا الظرفية، وهذا معنى ثاٍن لها، ومثالها في السببية: عذلتك في حب فلان، وأحببتك في لومه. ومنه في القرآن: {لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم} {قالت فذلكم الذي لمتنبي فيه}. وفي الحديث: "عذبت امرأة في هرٍة ربطتها". فمعنى (في) هنا السببية؛ ولذلك يصح في موضعها (بسبب). ومن ذلك قول الشاعر:
فليت رجالًا فيك قد نذروا دمي ... وهموا بقتلي يا بثين لقولي
وهنا مسألتان:
إحداهما: أن السببية التي ذكر هنا بمعنى التعليل كما تقدم في الأمثلة.
وقد أطلق في التسهيل عليها لفظ التعليل، أعني على (في)، وأطلق على الباء التي يسميها النحويون باء الاستعانة باء السببية، نحو: كتبت بالقلم، وقطعت بالسكين، وضربته بالسوط. واعتذر عن إيثار هذا الإطلاق الذي اصطلح عليه