من أجل الأفعال المنسوبة إلى الله عز/ وجل، فإن استعمال السببية فيها يجوز، واستعمال الاستعانة فيها لا يجوز، نحو قوله تعالى: {فأخرج به من الثمرات رزقًا لكم}. {فأخرجنا به من كل الثمرات}. {فأخرجنا به نبات كل شيء}. وهذا الإطلاق لم يرده الناظم هنا، ولا أراد بالسببية إلا معنى التعليل؛ لأنه شرك مع الباء (في)، و (في) لا تأتي للاستعانة أصلاً، وتأتي للتعليل كما تبين.

وأيضًا فسيذكر للباء معنى الاستعانة على إثر هذا، فهو هنا فيما يظهر لبادي الرأي موافق لإطلاق النحويين ومفارق لنظره في استحداث ذلك الاصطلاح.

وسيأتي توجيه الموضع بما يمكن بحول الله.

والثانية: أن قوله: (وقد يبينان السبب) يقتضي أن هذا المعنى فيهما قليل. وهذا مسلم في (في) إن سلم ما قال فيها، فإن كونها لمعنى السببية قليل. أما إن قيل بنفي هذا المعنى فواضح. وأما الباء فالسببية فيها معنى شهير كثير لا يوصف بالقلة، فإتيانه بقد المعطية لمعنى التقليل غير محرر، والله أعلم. ثم أخذ في تكميل معاني الباء فقال:

بالبا استعن وعد عوض ألصق ... ومثل مع ومن وعن بها انطق

فذكر لها في هذين البيتين سبعة معاٍن، فجميع ما ذكر للباء عشرة معانٍ:

الأول: الاستعانة، وهو قوله: (بالبا استعن) أي اجعلها في الكلام لمعنى الاستعانة، وهي في محصول الأمر الباء الداخلة على الآلات، نحو: كتبت بالقلم، فالقلم آلة يحصل بها للكاتب الكتب، وكذلك: ضربت بالسوط،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015