وذهب الكسائي من أهل الكوفة، والمازني وتلميذه المبرد - من أهل البصرة/ إلى جواز التقديم، وهو مذهب ابن مالك في التسهيل وشرحه. والصحيح منع ذلك من جهة القياس والسماع.
أما السماع: فلو كان مقولًا لسمع، لكنه لم يسمع إلا نادرًا في الشعر الذي هو محل الضرورة، فدل على أن العرب تمتنع منه قصدًا.
وأما القياس: فإن التمييز هنا منقول من الفاعل، فأصله أن يكون فاعلًا، فكرهوا أن ينقلوه عن موضعه الأصلي، وهو أن يؤخروه عن العامل فيه؛ إذ كان الفاعل لا يتقدم على عامله. وهذا قاله الفارسي وغيره.
ورد ذلك ابن عصفور باتفاقهم على جواز التقديم في نحو: أذهبت زيدًا، وإن كان فاعلًا في أصله.
وأجيب بأن التمييز فاعل في أصله بهذا الفعل الذي نصبه، وزيدًا في: أذهبت زيدًا، لم يكن قط فاعلًا بهذا الفعل الذي هو أذهبت، وإنما كان فاعلًا بالفعل الذي نقل منه، وهو ذهب، وهو الآن مفعول صحيح، فوجب أن يغلب عليه الحكم الحاضر، وأما التمييز فإنما هو فاعل في الحقيقة وانتصابه إنما هو مجاز، وعلى التشبيه هذا وجه.
ووجه ثاٍن: أن المانع شبهه بالنعت في أنه بيان لما قبله، فلا يتقدم، كما لا يتقدم النعت. وهذا منقول عن الفارسي أيضًا، واستحسنه ابن خروف، ورده