حمل الشلوبين قول الله تعالى: {وواعدنا موسى ثلاثين ليلة}. قال: لأنه تعالى لما قال: {وواعدنا} علم أن / هناك مسافًة في الزمان، فميزت بثلاثين. ثم قال الناظم:
والفاعل المعنى انصبن بأفعلا ... مفضلًا كأنت أعلى منزلا
قد تقدم أن التمييز بعد أفعل التفضيل على قسمين:
أحدهما: أن يكون هو أفعل في المعنى وهو الذي مر الكلام عليه.
والثاني: ما هو غيره، وهو الذي أراد ذكره هنا، فيريد أن التمييز إذا تقدمه أفعل التفضيل وكان في المعنى فاعلًا به، فإنه ينتصب لا غير، نحو قولك: أنت أعلى منزلا، فمنزلا يلزم نصبه لأنه في المعنى فاعل بأفعل، وعلامة ذلك أن تقدر أفعل فعلًا فيكون التمييز فاعلًا به، فإذا سبكت من أعلى فعلًا فقلت: علا - صار (منزلا) مطلوبًا له بالرفع على الفاعلية فتقول: علا منزلك.
وعلى هذا تقول: زيد أكثر منك مالًا، وأعز حمى، وأفضل أما، وأحسن وجهًا. هذا إذا كان المميز غير مضاٍف، وكذلك إذا كان مضافًا، نحو: زيد أكثر الناس مالًا وأعزهم حمى، وأفضلهم أما وأحسنهم وجهًا. فهذا الباب ونحوه التمييز فيه فاعل معنى بأفعل؛ إذ التقدير: زيد كثر ماله وعز حماه، وفضلت أمه وحسن وجهه.
وإنما لزم النصب هنا لأن أفعل لازم للإضافة أو الفصل بمن، لأن معنى قولك: أنت أعلى منزلًا، أنت أعلى من فلاٍن، أو من الناس، أو أنت أعلى الناس