منزلًا، فلم يصلح أن يحذف ما به التمام وهو المضاف إليه كما تقدم.

وأيضًا فإن أفعل هنا المميز غير المميز، فلا تصلح إضافته إليه، إذ لا يضاف أفعل التفضيل إلا إلى ما هو بعضه، والأعلى هنا غير المنزل، فلم يمكن أن يضاف إليه، فلزم النصب كما ترى، وبهذين فارق القسم المتقدم في أفعل، فجازت فيه الإضافة، لأن أفعل هو المميز، فإذا قلت: هو أشجع الناس رجلًا، فأشجع هو الرجل، فجازت إضافته إليه على معنى هو أشجع الرجال، ولم يكن ثم فضل بمن ولا بإضافٍة.

وأيضًا لما كان أفعل هنا متضمنًا لمصدر الفعل وزيادته ومشعرًا به، فإن معنى قولك: أنت أعلى منزلًا من زيد، علو منزلك يزيد على علو منزله، كان بمنزلٍة الفعل الذي تضمن المصدر والزمان، فلم يضف، كما لم يضف الفعل؛ ولذلك أيضًا منع أفعل التثنية والجمع والتعريف لما لم يكن ذلك في الفعل.

وقول الناظم: (انصبن بأفعلا) يعني انه انتصب عن تمامه، فهو العامل فيه. وقوله: (كانت أعلى منزلا) مثال معين لما يقع من الأسماء تمييزًا مما هو فاعل معنى، وذلك أن كل ما كان من سبب الأول، كما تقدم من الأمثلة؛ إذ هو الذي يصح أن يصاغ منه فعل وفاعل، هما خبر عن المبتدأ المتقدم ويستقيم الكلام به، فلو قلت: زيد أفضل رجلًا، والرجل ليس الأفضل في المعنى، لم يصح، لأن رجلًا ليس من سبب الأول، فلا يستقيم أن يقدر منه كلام فيه فعل وفاعل يكون خبرًا عن زيٍد، فلا تقول: زيد فضل رجل./ قال سيبويه لما ذكر الأمثلة: "ولا يكون المعمول فيه إلا من سببه" وإنما قال (مفضلًا) فقيد به أفعل، ولم يقتصر على قوله: (بأفعل) لأن ما ذكر من الحكم لا يكون إلا لأفعل المراد به التفضيل، فلو كان أفعل لا يراد به التفضيل، لم يلزم النصب كقولك: زيد أحمر أبًا، وأحمر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015