التنوين ما هو ظاهر، ومقدر، والمقدر يجري مجرى الظاهر.

فإذا قلت: الإناء ممتلئ ماء أو ملآن ماء، أو زيد ممتلئ غضبًا، والإناءان ممتلئان ماء، والزيدون ممتلئون غضبًا، فالظاهر في مثل هذا جواز النصب والجر كالذي فيه التنوين أو النون المشبهة، لكنه لا يجوز فيه إلا النصب لأنه على تقدير الإضافة كأنه في التمثيل ممتلئ الأقطار أو ملآن الأقطار ماء أو غضبًا، وإذا كان كذلك امتنع أن يضاف إلى التمييز وهذا بعينه حكم التنوين المقدر.

فإذا قلت: هند شنباء أنيابًا، فقدرت التنوين نصبت ى غير، ولا تضيف إلا مع تقدير طرحه فتقول: شنباء أنياٍب، وهذا داخل تحت إطلاق الناظم بقوله:

(بعدما أضيف) إذ يصدق على المقدر الإضافة أنه أضيف.

والثانية: أن قوله: (إن كان مثل ملء الأرض ذهبًا) كما يدخل له فيه المقادير المذكورة يدخل له فيه ما أشبه المقادير، وذلك قولك: لي مثله عبدًا، وما في الناس مثله فارسًا، وعلى التمرة مثلها زبدًا، وما كان من المثل والشبه فهو جاٍر مجرى الملء؛ إذ جعل سيبويه جميع ذلك من المقادير، وذلك أن المقدار عام في أنواع، فجيء بالنوع لبيان المقدار المراد، وكذلك إذا قلت: لي مثله، المثل عام في أنواع الصفات كالعبودية والفروسية والشجاعة وغير ذلك، فاستبهم لفظ المثل، فجيء بقولك: عبدًا أو فارسًا أو شجاعًا مفسرًا ذلك كما جيء بقوله (ماًء) مفسرًا لقولك: ملء كذا. ومن ذلك قولك: داري خلف دارك فرسخين؛ لأنه لما قال: خلف دارك علم أن بين الدارين مسافًة، فميزت ذلك بالفرسخين، فصار كقولك: ما في السماء موضع راحٍة سحابًا. وعلى هذا الباب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015