وذلك في موضعين:
أحدهما: أنه أجاز بعد الجر بمن ظاهرة بقوله:
(وأجرر بمن إن شئت غير ذي العدد)
إلى آخره، فلو لم يقيد الجر هنا بالإضافة لتوهم أنه يريد ما قال هناك من الجر بمن ظاهرة وليس ذلك مقصوده.
والثاني: أن من التمييز ما يجر بمن مضمرًة لا بالإضافة، وذلك مميز (كم) فإن الجر هناك إذا قلت: بكم درهٍم اشتريت ثوبك؟ بمن مضمرة عند المؤلف، ذكر ذلك في التسهيل، ونصره في الشرح، / وارتضاه فيهذا النظم فقال في باب (كم):
وأجز أن تجره من مضمرا ... إن وليت كم حرف جر مظهرا
وكذلك الجر في (كم) الخبرية عند الفراء إذا قلت: كم درهٍم أعطيت؟ بمن مضمرة لا بالإضافة. ويسهل ذلك أن (من) في قوة الظهور، ولذلك تقول: شبر من أرٍض، وقفيز من بر، كما تقول في (كم): بكم من درهٍم اشتريت ثوبك؟ وكم من درهٍم أعطيت؟ فلما كان الأمر كذلك لم ينبغ أن يترك تقييد الجر بالإضافة رفعًا لتوهٍم ربما لحق في الموضع لو لم يقع البيان.
والثانية: أن قوله: (ونحوها) إشارة إلى كل ما كان مثل المثل المتقدمة مما كان فيه تمام الاسم بالتنوين أو بالنون المشبهة به، فذلك هو الذي يجوز فيه الجر، لإمكان حذف ما به التمام، فلو تم الاسم بالإضافة لم تجز الإضافة وجر التمييز بها، لأن ذلك لا يمكن إلا مع حذف المضاف إليه الذي به وقع تمام الاسم،