وراقود خل، ونحي سمن، وما أشبه ذلك. فقوله: (إذا أضفتها) يريد إذا أردت إضافتها فأجرر التمييز بالإضافة، فإن الإضافة توجب الجر، أو إذا حصلت الإضافة معنى، فاجرره بسبب حصولها. والحاصل من كلامه أن التمييز في هذه المثل وما كان نحوها يجوز فيه الأمران: النصب المتقدم، والجر بالإضافة. و (غدا) في قوله: (كمد حنطٍة غذا) بدل أو حال.
ثم هنا مسألتان:
إحداهما: أنه قيد الجر بالإضافة، ولم يقل (وبعد ذي ونحوها أجرره) فيطلق الجر ولا يقيده، وكان ذلك أولى؛ إذ معلوم أن الجر هنا إنما يصح معها، فإنه لا موجب له في الموضع إلا هي، فكان الإتيان به كالفضل غير المفتقر إليه، فيسأل لم أتى به هل تحت ذلك التقييد فائدة أم لا؟
والجواب: أن له فائدة حسنة، وذلك أنه لو لم يقل: (إذا أضفتها) فيقيد بالإضافة لسبق الوهم إلى بقاء التنوين والنون في المميز وجر التمييز بمن المقدرة، وأن يقال: مد حنطٍة، ومنوان سمٍن وتمٍر على تقدير: مد من حنطة ومنوان من كذا، وهذا غير جائز باتفاٍق، فلما قيد بالإضافة زال هذا التوهم، وتبين أن الجر إنما موجبه الإضافة.
فإن قيل: هذا التوهم غير متوهٍم، إذ يسبق مثل هذا إلى ذهن نحوي، لأنه ليس بمعهوٍد في القياس عند أحٍد منهم أن يحذف الجار ويبقى عمله في غير رب على خلاٍف في ذلك، ولو توهم ذلك لتوهم مثله في الحال والظرف؛ إذ هما في تقدير في، فكما لا يجب ولا يحسن التحرز من ذلك في الحال والظرف لا يجب ذلك أيضًا هنا.
فالجواب: أن في باب التمييز من ذلك ما يقع التوهم به في هذا الموضع